المواطنة نيوز
خديجة النادير
عيد الأضحى هو أحد الأعياد الإسلامية الكبرى، ويأتي تكريماً لقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما أُمر من الله تعالى بتقديم ابنه إسماعيل قرباناً، فاستجاب لأمر الله بكل إخلاص وتضحية، ليأتي الفرج من السماء بكبشٍ فداءً لإسماعيل عليه السلام. هذه القصة تتجلى في القرآن الكريم في قوله تعالى: “فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ” (الصافات: 103-105).
تُعَدّ الأضحية في عيد الأضحى سنّة مؤكدة وليست فرضاً، وهذا ما أكدته العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، منها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِذَا دَخَلَتِ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا” (رواه مسلم). هذا الحديث يشير إلى أن الأضحية مرهونة بالرغبة وليس بالإلزام، وهذا ما يؤكد على أن الفقير غير ملزم بأداء هذه العبادة إذا لم يكن لديه القدرة المالية.
في المجتمعات المغربية، نجد أن الأضحية تتحول في بعض الأحيان إلى عبء ثقيل على الأسر ذات الدخل المحدود، حيث يسعى الكثيرون لشراء أضحية كبيرة ومكلفة اتباعاً للعادات والتقاليد، دون مراعاة لظروفهم المالية. هذا النهج يتعارض مع روح الإسلام الذي يحث على التيسير والرفق بالعباد، كما جاء في قوله تعالى “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (البقرة: 286). فالشرع الإسلامي يتبرأ من أي ممارسة تؤدي إلى هلاك الإنسان أو تحمله ما لا يطيق.
إن الأضحية في الإسلام هي عمل تقرب إلى الله ورحمة بالمحتاجين، حيث يفضل توزيع لحم الأضحية على الفقراء والمساكين، إحياءً لروح التكافل الاجتماعي، كما قال الله تعالى: “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ” (الحج: 28).
لذا، ينبغي على المسلمين أن يتفهموا حقيقة عيد الأضحى كعبادة تسعى لتعزيز الإخلاص والرحمة والتضحية في سبيل الله، دون أن تتحول إلى عبء مالي أو اجتماعي. فإن الله عز وجل رحيم بعباده، لا يرضى لهم المشقة والهلاك، ويحب أن تُؤدى العبادات بروح من اليسر والمحبة والإخلاص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ” (رواه البخاري).
وفي الختام، على المجتمع أن يعيد النظر في ممارساته وعاداته المتعلقة بعيد الأضحى، وأن يعود إلى جوهر هذه العبادة السامية، التي تقوم على التيسير والرحمة، والتي تهدف إلى تعزيز الروابط الاجتماعية والإنسانية، بدلاً من أن تكون سبباً في الضغط المالي والاجتماعي على الأسر.
التعليقات - عيد الأضحى: عبادة قربانية تتأصل في الرحمة والتيسير :
عذراً التعليقات مغلقة