المواطنة نيوز
أصبحت بعض الوقفات الاحتجاجية في السنوات الأخيرة تعرف مشاركة ملحوظة للقاصرين، سواء بدافع الفضول أو للتعبير عن قضايا اجتماعية وتعليمية تمس حياتهم اليومية. ورغم أن الحق في التعبير والاحتجاج السلمي مكفول دستورياً، إلا أن مشاركة القاصرين تطرح عدة إشكالات قانونية وتربوية.
أولاً: الطابع القانوني لمشاركة القاصرين
وفقاً للتشريعات المغربية، فإن القاصر هو كل شخص لم يبلغ بعد سن الرشد القانوني (18 سنة)، وبالتالي فإن أفعاله ومسؤولياته تكون محمولة على أوليائه أو الأوصياء الشرعيين عليه. وبما أن المشاركة في التجمهر أو الوقفات الاحتجاجية قد تترتب عنها أحياناً مواجهات أو تدخلات أمنية، فإن ذلك يضع القاصر في وضع خطر، وقد يعرض أسرته للمساءلة القانونية.
ثانياً: دور ومسؤولية الآباء
القانون المدني والجنائي على حد سواء ينصان على أن الآباء مسؤولون عن حماية أبنائهم ورعايتهم، وضمان عدم تعريضهم لمخاطر تهدد سلامتهم الجسدية أو النفسية. وعليه، فإن خروج القاصر للمشاركة في وقفات احتجاجية دون مرافقة أو إذن من والديه يعتبر تقصيراً في واجب الحماية، وقد تترتب عنه مساءلة قانونية للأب أو الولي الشرعي.
ثالثاً: الأبعاد التربوية والاجتماعية
إلى جانب الجانب القانوني، فإن خروج القاصرين للاحتجاج يطرح تساؤلات تربوية: هل تم توعيتهم بالمخاطر المحتملة؟ هل يدركون طبيعة الشعارات التي يرفعونها؟ وهل لديهم من النضج ما يؤهلهم لتحمل تبعات المشاركة في فعل احتجاجي؟
إن مسؤولية الأسرة والمدرسة هنا تكمن في تأطير هؤلاء القاصرين، وتوجيههم نحو أشكال بديلة للتعبير عن آرائهم داخل فضاءات آمنة، مثل الأندية المدرسية والجمعيات الثقافية.
رابعاً: التوازن بين الحق في التعبير وحماية القاصر
لا يعني منع القاصرين من الاحتجاج حرمانهم من حقهم في التعبير، وإنما الهدف هو ضمان أن يتم ذلك في ظروف تراعي سنهم وحاجتهم للحماية. فالدولة مطالبة بفتح قنوات بديلة تمكن الأطفال واليافعين من التعبير عن همومهم ومطالبهم، في إطار يحفظ كرامتهم ويصون سلامتهم.
خاتمة
إن مشاركة القاصرين في الوقفات الاحتجاجية مسألة حساسة تستوجب مقاربة شمولية، تنطلق من وعي الآباء بمسؤوليتهم القانونية والتربوية، وتقوم على توفير فضاءات بديلة وآمنة للتعبير، مع تكثيف جهود التوعية من طرف المؤسسات التربوية والمجتمعية. فالقاصر ليس طرفاً قانونياً مستقلاً بعد، مما يجعل ولي أمره يتحمل كامل المسؤولية عن مشاركته في أي فعل احتجاجي أو جماعي.