المواطنة نيوز..محمد تامر
في ظل ما تعرفه بعض المدن المغربية من احتجاجات وتوترات اجتماعية، اختارت الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب أن ترفع صوتها بنداء موجه إلى الأسر والتلاميذ، تدعو فيه إلى التحلي بروح المسؤولية والانضباط، وحماية المدرسة من كل أشكال الانزلاق. فالمدرسة، كما جاء في بيانات الفيدرالية، لم تعد مجرد فضاء للتعليم والتلقين، بل أضحت ساحة رهانية على قيم أعمق ترتبط بالمواطنة والتعايش والسلم الاجتماعي، وأي إخلال بانضباط التلاميذ داخل المؤسسات أو انجراف نحو احتجاجات غير منظمة قد يتحول إلى تهديد مباشر للاستقرار، ليس فقط المدرسي بل المجتمعي أيضا.
لغة البيانين تكشف تخوفا واضحا من أن تتحول المدرسة إلى ساحة تجاذبات سياسية أو اجتماعية، وهو ما عبرت عنه الفيدرالية بوضوح حين نبهت إلى خطورة استغلال التلاميذ في صراعات أو أجندات لا علاقة لها بدور المؤسسة التربوية. فحماية المدرسة تعني هنا تحصينها من كل ما يمكن أن يفقدها حيادها كفضاء للتربية والتكوين، ويزج بها في صراعات تعيق وظيفتها الأساسية.
الدعوة إلى الآباء والأمهات لم تكن بروتوكولية، بل أكدت على كون الأسرة شريكا أساسيا في بناء المدرسة المواطنة. فالمسؤولية لا تقتصر على ضبط السلوك داخل القسم، وإنما تشمل أيضا المرافقة المستمرة للأبناء في مسارهم الدراسي، والتوجيه نحو السلوك المسؤول، بما يضمن لهم مستقبلا آمنا ويجنبهم المخاطر.
إصدار هذه البيانات مع بداية الموسم الدراسي ليس اعتباطيا، بل يحمل دلالات واضحة. فهي لحظة حساسة يتشكل فيها الانطباع الأول عن العام الدراسي، وفي الوقت نفسه فترة تعرف عادة زخما احتجاجيا في الشارع. لذلك جاءت الرسالة مزدوجة: تطمين الأسر من جهة، وتحذير من الانفلات من جهة أخرى، مع تأكيد أن حماية الأبناء تبدأ من حماية فضائهم المدرسي.
الفيدرالية هنا تتجاوز حدود الخطاب التربوي لتضع المدرسة في قلب معادلة الاستقرار الوطني. فالمدرسة، كما تقول، هي انعكاس لصورة المجتمع وقيمه، وأي مساس بها هو مساس مباشر بالسلم الاجتماعي. لذلك شددت على أن المسؤولية جماعية، وليست مسؤولية وزارة التربية وحدها، بل مسؤولية مشتركة تشمل الأسر والتلاميذ وكل الفاعلين.
الرسالة الأعمق التي تبرز من هذا الموقف هي أن الأمن التربوي جزء لا يتجزأ من الأمن المجتمعي. وإذا كانت المدرسة تمثل صورة للوطن وقيمه، فإن صونها من التوترات والانزلاقات ليس ترفا ولا خيارا ثانويا، بل هو رهان استراتيجي على المستقبل، ورسالة إلى الجميع بأن المدرسة ليست ورقة ضغط، بل أساس بناء الوطن.